SULAIMANSORE1@GMAIL.COM +2348 132 064 831

الفناء الذي يقوله الصوفيون

Souleymane sore

حقيقة الفناء الذي يقوله الصوفية


فينا بعض المتشددين أبناء ابن تيمية يقولون أن ليس هناك فَنَاءٌ في حب الله أو في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقول بالفناء من خرافات الصوفيين ! . فأحببت أن أجمع دلائلا على الفناء وألزمهم بكتب قائدهم (ابن تيمية ) وكتب وزيره ابن القيم ؛ ولا أتعب نفسي بإيراد أقوال شيوخنا لأن بيان زعيمهم ابن تيمية يكفيهم.
أقول قبل الشروع : ثبت في صحيح مسلم رقم 2747 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أن رجلا قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح “
قلت : هذا الرجل معذور لأنه فنى في فرحه فغاب تمييزه حينئذ فرُفِع القلم عنه أليس كذلك؟ .
ومن غاب تمييزه لطارئ يسميه الصوفية بالفناء.

[ الفَانِي لا يشعر بالألم! ]


الفاني الحقيقي لا يميز ولا يشعر إلا مشهده كما ثبت في تفسير ابن جرير الطبري رقم 19217 – حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: جعلن يحززن أيديهن بالسكين، ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج، قد ذهبت عقولهن مما رأين!
وفيه رقم 19219 – حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج! .
وفي رقم 19220 – حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وقطعن أيديهن) ، قال: جعلن يحززن أيديهن، ولا يشعرن بذلك.
وفيه ج16 ص66 رقم 19161 عند قوله تعالى {قد شغفها حبا} قال أن الحب قد عمها! .

[ الفناء عند ابن تيمية ]


سئل ابن تيمية عن الفناء فقال: الفناء ثلاث أنواع الأول: فناء الإرادة في إرادة الله …والثاني: هو الفناء عن شهود السوى وهذا يحصل لكثير من السالكين فإنهم لفرط انجذاب قلوبهم إلى ذكرالله وعبادته لايخطر بقلوبهم غير الله بل ولايشعرون إلابه. راجع العبودية في فصل الفناء ١٢٦/١ وفي كتابه الإستقامة ١٤٢/٢ وزاد: يغيب بمشهوده عن شهوده .

[ الفناء في الله أو في غيره! ]


يقول ابن تيمية في مجموع فتاويه ج10 ص219 : وأما النوع الثاني: فهو ” الفناء عن شهود السوى “. وهذا يحصل لكثير من السالكين؛ فإنهم لفرط انجذاب قلوبهم إلى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن أن تشهد غير ما تعبد وترى غير ما تقصد؛ لا يخطر بقلوبهم غير الله؛ بل ولا يشعرون؛ كما قيل في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} قالوا: فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى. وهذا كثير يعرض لمن فقمه أمر من الأمور إما حب وإما خوف. وإما رجاء يبقي قلبه منصرفا عن كل شيء إلا عما قد أحبه أو خافه أو طلبه؛ بحيث يكون عند استغراقه في ذلك لا يشعر بغيره. فإذا قوي على صاحب الفناء هذا فإنه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشهوده عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن وهي المخلوقات المعبدة ممن سواه ويبقى من لم يزل وهو الرب تعالى. والمراد فناؤها في شهود العبد وذكره وفناؤه عن أن يدركها أو يشهدها. وإذا قوي هذا ضعف المحب حتى اضطرب في تمييزه فقد يظن أنه هو محبوبه كما يذكر: أن رجلا ألقى نفسه في اليم فألقى محبه نفسه خلفه فقال: أنا وقعت فما أوقعك خلفي قال: غبت بك عني فظننت أنك أني ! .

[ الفناء في الشيخ عند ابن تيمية ! ]


قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه ج11 ص394 سئل:عن رجل يحب رجلا عالما. فإذا التقيا ثم افترقا حصل لذلك الرجل شبه الغشي من أجل الافتراق فهل هذا من الرجل المحب أم هو تأثير الرجل؟ فأجاب:الحمد لله، سببه من هذا مثل الماء إذا شربه العطشان حصل له لذة وطيب وسببها عطشه وبرد الماء وكذلك النار إذا وقعت في القطن سببه منها ومن القطن. والعالم المقبل على الطالب يحصل له لذة وطيب وسرور بسبب إقبال هذا وتوجهه وهذا حال المحب مع المحبوب والله أعلم.
وفيه ج 2 ص 64 قال في من يذكر إسم المفرد – الله الله – قال : إذا كان في مقام الفناء فهذا قريب! .

[ ابن القيم والفناء ]


أما الوزير ابن القيم فقد شرحه في مدارجه شرحا موافيا شافيا . راجعه ج1 ص466.
وقال ج1 ص281 وساقهم إلى وادي الفناء في الشهود، فلا يشهد مع الحق سببا، ولا وسيلة ولا رسما البتة.ونحن لا ننكر ذوق هذا المقام
وفي ج 3 ص 291 في باب السكر قال : المحب الفاني لا يكاد يسمع الخبر أي من قلب غافل فارغ ! .

[ ومما يسبب الفناء ]


مما يسبب الفناء فرط تجليته في القلوب كما ورد في المستدرك الحاكم رقم 1235 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار، ثنا زكريا بن داود أبو يحيى الخفاف، ثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، قال النبي صلى الله عليه : «إن الله تبارك وتعالى إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له»
وأخرجه أيضا النسائي في السنن الكبرى رقم 1883 – أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا خالد: عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، أن رسول الله صلى الله عليه قال : إن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له.
قلت جميع رجاله ثقات إلا ما قال يحيى بن سعيد أن أبا قلابة لم يسمع من النعمان بن بشير! ولكن قال أبو حاتم في مراسله ص 110 أن أبا قلابة أدرك النعمان! .
ورتبه المزي في تهذيبه ج14 ص 543 مع من أخذ عن النعمان بن بشير. وكذلك الذهبي في تاريخه ج2 ص727 وفي سيره ج4 ص426.
وأقول أيضا : قد رواه أبو قلابة عن قبيصة البجلي كما في السنن الكبرى للنسائي رقم 1885 – أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ وهو ابن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن قبيصة البجلي…
جميع رجاله ثقات ومعاذ بن هشام صدوق وعنده كتاب لأبيه كما في تهذيب الكمال ج28 ص142 فهو ثقة لكتابه وكان يري الناس كتاب أبيه. ويحدث فيه .
وقبيصة الذي روى عنه أبو قلابة صحابي! كما في تاريخ الكبير للإمام البخاري رقم 782.
فتبين بعد هذا البحث أن الحديث صحيح بلا شك ؛ فلله الحمد.

[ الفاني في الحب يعمي ويصم ]


من فنى في حب الله أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في شيخه يعمي ويصم عن غيره كما ثبت في مسند أحمد رقم 27548 – حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا أبو بكر، عن خالد بن محمد، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حبك الشيء يعمي ويصم»
وأخرجه أبو داود رقم 5130 – حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن خالد بن محمد الثقفي،…..
قلت : في هذا الإسناد أبو بكر بن أبي مريم الغساني ضعيف قال أبو داود : سُرِق له حليّ فأنكر عقله! . وقال أبو حاتم : طرقه لصوص فأخذوا متاعه فاختلط!. رجع تهذيب الكمال ج33 ص109 .
ولكن للحديث شاهد أخرجه الخرائطي في الإعتلال رقم 369 – حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد الغبري قال: حدثنا يحيى بن حماد الأعرج قال: حدثنا جعفر بن حيان، عن أبي الحكم، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«حبك الشيء يعمي ويصم»
رجاله ثقات إلا يحيى لم أعرفه بعدُ. بحثت عنه كل البحث ولم أجده !.
وللحديث شاهد أيضا موقوف قال البيهقي في الشعب رقم 408 – أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حريز بن عثمان، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه قال: ” حبك الشيء يعمي ويصم “
قال البيهقي رحمه الله: وكذلك رواه سعيد بن أبي أيوب، عن حميد بن مسلم الدمشقي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه موقوفا، .
قلت: هذا الإسناد نظيف جيد لا غبار عليه . والموقوف يحتج به.
تنبيه : في الإسناد حريز بن عثمان قد قيل أنه ناصبي كان يسب سيدنا علي كرم الله وجهه! كما في تهذيب الكمال في ترجمته رقم 1175. ولكن دافع حريز عن نفسه وتبرأ وقال كما في التهذيب ج7 ص579 : إن أقواما يزعمون أني أتناول عليا معاذ الله ! أن أفعل ذلك حسيبهم الله! .
ورأيت المتشدد الألباني يقول في ضعيفته ج 2 ص 49 : (صدق! من قال :حبك الشيء يعمي ويصم!) . وكرره ج14 ص 560. فلله الحمد.
تنبيه : إعلم أيها المتشدد أن الفناء شيء يعترض المحب في لحظة أو دقيقة أو ساعة أو شهور أو عدة سنوات ثم يزول وليس هو النهاية ! بل الفناء بداية لا بُدَّ من البقاء بعد الفناء ثم السير إلى أبد الأبد. وقد يموت المحب في فنائه. وعلى أي حال نعلمكم أن الفاني لا يقتدى بمقاله ولا يؤتسى به وهو معذور في أحواله لزوال عقله اتفق المسلمون على ذلك وخاصة الصوفيون.

[ الختام ]


نحن الصوفيون بريئون من كل زائغ قائل بوحدة الوجود القائلون بوحدة الوجود هم قوم متمكنون في صحوهم واعتقدوا عمدا أن كل شيء هو الله! معاذ الله؛ ليس للصوفية علاقة بهم ألبتة أثبت هذا القول جميع الصوفيين في كتبهم حتى زعيم الوهابية ابن تيمية قال في مجموع فتاويه ج11 ص74 : الصوفيون برآء من الإتحاد!.….
وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وأصحابه وسلم اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة آمين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

Lorem Ipsum

Leave Your Comments

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Cheikh Souleymane Sore - Copyright 2024. Designed by Habib JS